وقوله:{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}: نصب على المصدر، كأنه قال: وعَدَ اللَّه ذلك وعدًا، وهو لا يخلف وعده.
قوله تعالى:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}: أي: المشركون جهَّالٌ (١) لا يعلمون أن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- وسائرَ الأنبياء لم يؤيَّدوا بالمعجزات إلا ليَدُلَّ ذلك على صدقهم، فلا يكذِبون فيما يخبرون، فإذا كذَّبوا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أَخبر عن غلَبة الروم فارسَ فلجهلهم كذَّبوه.
وقوله تعالى:{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: أي: همَّتُهم دنياهم، فيصرفون تدبُّرهم وتفكُّرهم وتعلُّمهم إلى أمور الدنيا فيَعلمونها.
{وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}: لا يتفكَّرون فيها، وما يكون لهم فيها من الحساب والعقاب.
وقيل:{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ أي: إنما يعلمون ما يشاهدونه ولا يعرفون ما يدل عليه من أمور الآخرة.
ثم في الآيتين نفيُ العلم عنهم بقوله:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وإثباتُ العلم لهم بقوله: (يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا)، ولا تناقُضَ فيه، فإن الأول نفيُ العلم بأمور الدين، والثاني ثبوتُ العلم بأمور الدنيا، ولأن الأول نفيُ الانتفاع بالعلم بما ينبغي، والثاني صرفُ العلم إلى ما لا ينبغي، ومن العلم القاصر أن يهيِّئ الإنسان