للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤١) - {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: قال الفراء: أي: أجدبَ البرُّ وانقطعت مادةُ البحر بذنوبهم، كل ذلك ليذوقوا الشدةَ بذنوبهم في العاجل (١).

ويتصل هذا بقوله تعالى: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} وبقوله: {ثُمَّ رَزَقَكُمْ}، وضِيقُ الرزق بشؤم المعصية، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} الآية [الأعراف: ١٣٠]، وسعةُ الرزق بالإيمان والطاعة؛ قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ٩٦]، وعلى هذا الفسادُ بمعنى عقوبة الفساد؛ كجزاء السيئة يُسمى سيئةً.

وقيل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ}؛ أي: غلب أهلُ الفساد؛ كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]؛ أي: أهلَ القرية {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أ} [الأعراف: ٤]؛ أي: أهلِ قرية، {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}؛ أي: بسبب معاصي الناس، وهو كقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا غضب اللَّه على قومٍ سلَّط اللَّه عليهم شرارَهم في البر والبحر" (٢).

قيل: هما على ظاهرهما؛ البرُّ: المفازة، والبحر: موضع (٣) الماء الكثير.

وقال مجاهد: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}: ما في البر فهو قتلُ ابنِ آدم أخاه، وما في البحر فهو جُلندَى الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبًا (٤).


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٢٥).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) في (ر) و (ف): "البر المفاوز والبحر مواضع".
(٤) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٧٧٦١)، رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٥١٢).