للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: ربنا لك الحجةُ علينا، فقد أبصرنا رسلك وآياتِ وحدانيتك، وسمعنا كتابك ووعظ أنبيائك، فلا حجة لنا عليك ولكن بنا حاجةٌ إليك، وهو أن تَرْجِعَنا إلى الدنيا لنُطيعك، فقد تيقنَّا أنه لا ينفعنا عندك إلا العملُ الصالح.

وجواب {وَلَوْ تَرَى} محذوف، وتقديره: لرأيتَ منظرًا هائلًا؛ كقولك: لو رأيتَ فلانًا وقد أخذته السياط.

* * *

(١٣) - {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.

وقوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: ولو شئنا لأعطَينا (١) كلَّ نفس ما عندنا من اللطف الذي لو كان منهم اختيارُ ذلك لاهتدوا، ولكن لم نعطهم ذلك اللطفَ لَمَّا علمنا منهم اختيارَ غيرِ ذلك.

وعلى قول المعتزلة: شاء أن يعطي كل نفس ما به اهتدت، وقد أعطاها لكنها لم تهتد.

فقولهم مخالفٌ للآية؛ لأنَّهم يقولون: شاء أن تهتديَ كلُّ نفس، وآتَى كلَّ نفس ما تهتدي به لكنها لم تهتد، لكنهم يقولون: المشيئة هاهنا (٢) مشيئةُ الجبرِ والقسر.

فيقال لهم: زعمتُم أنه قد شاء أن يهتدوا وآتاهم ما يهتدون به، فلم يهتدوا ولم تنفذ مشيئتُه، فكيف يقدِر ويملك أن يشاءَ مشيئةً تقهرُهم وتجبرهم حتى يهتدوا؟ وكيف يؤمَنُ على ذلك؟ فذلك بعيد على قولكم.


(١) في (ر): "لآتينا".
(٢) بعدها في (ر): "ليست"، وليست في "التأويلات".