للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويقال لهم أيضًا: إن الإيمان به والتوحيدَ في حال القهر والقسر لا يكون إيمانًا؛ لأن القهر والجبر يرفع (١) الفعل عن فاعله ويحوِّله عنه، فكيف يصح تأويلكم على هذا؟!

وقوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}: أي: وجَب القول مني لمَّا علمتُ أنه يكون منهم ما يستوجبون به جهنم، وهو ما علم منهم أنهم يختارون الردَّ (٢) والتكذيب (٣).

* * *

(١٤) - {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

وقوله تعالى: {فَذُوقُوا}: عاد الكلام إلى خطاب المجرمين في القيامة، وكان قوله: {وَلَوْ شِئْنَا} في الآية كلامًا معترِضًا.

وقيل: هو متصل؛ قال محمد بن كعب القرظي: بلغني أن أهل النار إذا قالوا: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} ردَّ اللَّه عليهم بقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} الآية {فَذُوقُوا}؛ أي: يقال لهؤلاء: قاسوا العذاب {بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}؛ أي: بترككم العمل لهذا اليوم كأنكم نسيتُموه فلم تذكُروه {إِنَّا نَسِينَاكُمْ}؛ أي: تركناكم في جهنم (٤).

وقيل: أي: جازيناكم على نسيانكم.


(١) في (ر): "يخرج"، وفي (ف): "يرجع". والمثبت من (أ) و"التأويلات".
(٢) في (ر): "الكفر".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٨/ ٣٣٥).
(٤) قطعة من خبر طويل رواه عن محمد بن كعبٍ الطبريُّ في "تفسيره" (١٧/ ١١٩).