وقوله تعالى:{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}: أي: إن هؤلاء المشركين لإلفهم الشركَ وتقليدهم الآباءَ في أنه لا بعثَ ولا حساب ولا جزاء لا يؤمنون بآياتنا؛ أي: القرآن، إنما يؤمن بها المتدبِّرون لها المستمِعون إلى مواعظها، فهم إذا قرئ عليهم القرآن ووُعظوا به {خَرُّوا سُجَّدًا} للَّه على وجوههم تذلُّلًا للَّه وتعظيمًا لآياته {وَسَبَّحُوا}؛ أي: في سجودهم {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.
قيل: يقولون: (سبحان اللَّه وبحمده) في السجود.
وفي بعض الأخبار أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول في سجوده ذلك (١).
ويجوز أن يكون التسبيحُ تنزيهَ اللَّه تعالى عما لا يليق به، وحمدُ اللَّه وصفَه بصفاته العلى وتسميتَه بأسمائه الحسنى، فإذا قال:(سبحان ربي الأعلى) فقد نزَّه اللَّه عزَّ وعلا بقوله: (سبحان ربي) وحمِده بقوله: (الأعلى).
* * *
(١) رواه البخاري (٧٩٤) و (٨١٧)، ومسلم (٤٨٤)، عن عائشةَ قالت: كان رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُكثرُ أن يقولَ في ركوعِه وسجودِه: "سبحانك اللهمَّ ربَّنا وبِحَمْدِك، اللهمَّ اغفِرْ لِي" يَتأولُ القرآن.