للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] مِن شرحهِ لقول ابن عباس: إلا لِيُقِرُّوا لي بالعُبوديَّةِ طَوْعًا أو كَرْهًا.

ثم عقَّبه بقوله شارحًا له: يعني: أنَّ المؤمنين يُقِرُّون له طَوْعًا، والكافرون يُقِرُّون له بما جبَلَهم عليه مِن الخِلْقَة الدَّالَّة على وحدانيَّةِ اللَّه تعالى، وانفرادِه بالخَلْقِ، واستحقاقِ العبادةِ دون غيرِه، فالخَلْقُ كلُّهم بهذا له عابِدون، وعلى هذا قولُه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: ١٥]، وقولُه تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [الإسراء: ٤٤]، وقولُه: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} على معنى: ما يُوجَدُ منهم مِن دلائلِ الحُدوثِ المُوجِبَةِ لكونها مَرْبُوبةً مَخْلُوقةً مُسَخَّرةً.

وكلُّ هذا الذي ذكَرْناه ليس على سبيلِ الحصر، بل للتدليلِ والبيان، فكلُّ الكتابِ على هذا النَّحو.

٦ - ومما تميَّز به هذا التفسير أيضًا: الإيجازُ في البيان، مع متانةِ العبارة، وجمالِ الإشارة، والوصول إلى توضيحِ المعنى بأسهلِ الطرق وأقربها لنفس المتلقِّي:

- فمن ذلك قوله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا} [الأعراف: ١٢٦] قال المؤلِّف على لسان السحرة: وهذا ممَّا لا يُعاب، بل ثَبَت له الإيجاب، ولا يجوزُ لنا عنه الانقلاب، فلا سبيلَ إلى إرضائكَ فقد استَسْلَمنا.

- ومن ذلك قوله تعالى: {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [يوسف: ١٠١] قال: أي: أَمِتْني على الإسلام.

قيل: لَمَّا انتظمَتْ أسبابُه واطَّردَتْ أحوالُه اشتاقَ إلى ربِّه.

وقيل: لَمَّا رأى أمرَه على الكمال، علمَ أنَّه أشرفَ على الزَّوال، سألَ سعادةَ الانتقالِ، قال قائلُهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>