للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو مصائب الدنيا وشدائدُها في النفوس والأموال والقَحْط.

وقيل: هو عذاب القبر.

{دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ}: أي: قبل العذاب الأكبر، وهو عذاب الآخرة؛ أي: يجمع اللَّه لهم العذابين، ونظيره: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١].

وقال الحسن: {الْعَذَابِ الْأَدْنَى}: البلايا {دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ}؛ أي: لا (١) العذابِ المستأصِل (٢)، يعني: لا يكون ذلك لهذه الأمة، فعلى قوله العذابان جميعًا في الدنيا.

{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: أي: ليرجعوا إذا انتبهوا بالعذاب الأدنى، وهذا إذا حمل الأدنى على ما دون القتل، فإن حُمل على القتل فمعنى قوله: {يَرْجِعُونَ}؛ أي: لعل الآخرين يعتبرون بهم فيرجعون.

* * *

(٢٢) - {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ}: أي: وُعِظ بها {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} فتولى عنها فلم يقبلها، فلا أحق بالعذاب في الدنيا والآخرة من هذا.

{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}: أي: إنَّا من هؤلاء الفسَّاق المشركين منتقِمون تمييزًا بين المحسن والمسيء.


(١) "لا" من (أ).
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣٠٧) بلفظ: (عقوبات الدنيا)، والطبري في "تفسيره" (١٨/ ٦٢٩) بلفظ: (مصيبات الدنيا)، ولم أجد باقي الخبر عن الحسن، بل روى عنه قَتادة: {دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} يوم القيامة. رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٦٣٣).