للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ}: أي: ولم يجعلِ اللَّه مَن تدَّعون بنوَّته فتسمُّونَه ابنًا لكم ابنًا (١).

{ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ}: أي: إن قولكم للزوجة: هي أم، وللدَّعيِّ: هو ابنٌ، هو قولٌ تقولونه بألسنتكم التي بأفواهكم، لا حقيقةَ له في اعتقاد القلوب عند اللَّه تعالى، ولا حجةَ مع صاحبه، إنما هو كقول النائم الهاذي يوجد بالفم لا حقيقةَ له، فلا تصير المرأة بذلك أمًّا، ولا الدعيُّ ابنًا.

نزلت في شأن زيد بن حارثة، كانوا يسمُّونه: زيد بن محمد؛ لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان تبنَّاه (٢).

{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ}: ما يجب أن يقال وما له حقيقةٌ.

{وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}: أي: يرشد إلى طريق الحق في هذا وفي كلِّ الأحكام، فاتَّبعوا ما شَرَعه في الإسلام، وكان في الجاهلية إذا أعجَبَ أحدَهم ولدُ غيره ضمَّه إلى نفسه وتبنَّاه، وجعَل له مثلَ نصيبِ أحد الأولاد، فبيَّن اللَّه الحقَّ فيه وهدَى السبيل.

ولما نزلت هذه الآية قال زيد: أنا زيد بن حارثة (٣) بن فروة بن شراحيل (٤) من بني عبد ود، وكان بعد ذلك ينسب إلى أبيه.

* * *


(١) في (ف): "فتسمونه ابنًا لكم ابنًا لكم" وفي (ر): "فتسمون به أبناءكم ابنًا لكم".
(٢) رواه البخاري (٤٧٨٢)، ومسلم (٢٤٢٥)، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: ما كنَّا نَدْعُو زيدَ بن حارثةَ إلَّا زيدَ بنَ محمدٍ حتى نزَل في القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}.
(٣) إلى هنا ذكره ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٢٤٩).
(٤) في (ر) و (ف): "شرحبيل"، وهو خطأ، وكذا قوله في نسبه: "بن فروة" لم أقف عليه، فالذي في المصادر: (زيد بن حارثة بن شراحيل). انظر: "الإصابة" (٢/ ٤٩٤).