في الظهار، ثم كانت هاتان التسميتان (١) صالحتين للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأزواجه، فيقال للنبي: أبو المؤمنين، ولأزواجه: أمهات المؤمنين، فعرَّفنا اللَّه بذلك خروجَ هذا من جملة ما عابه فقال:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أبٌ لهم وأزواجُه أمهاتهم، فلا بأس عليكم في هذه التسمية في هذا الموضع {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} يعني: لكن التوارث فيما أَنزلت في كتابي لا يقع إلا بالقرابة والرَّحِم.
وقوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}: أي: في حكم القرآن. وقيل: أي: في حكم اللَّه الذي كتبه لهم.
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}: أي: بعضُهم أحقُّ بميراث بعضٍ من الذين تواخَوا على الإيمان والهجرة، وكانوا يتوارثون بهذه المؤاخاة.
وقيل: كانت المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين، والمؤمنون هم الأنصار، والمهاجرون هم الذين هاجروا إليهم.
وقيل: كانت مؤاخاتان إحداهما بين المهاجرين؛ آخى فيها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين حمزة وزيد، وبين أبي بكر وعمر، وبين نفسه وعليٍّ، والأخرى بين المهاجرين والأنصار: بين أبي بكر وخارجةَ، وبين عمر وعاصمٍ، وبين عِتْبانَ وعليٍّ، وبين سهلِ بن حنيفٍ وعبد الرحمن، وبين سعد بن الربيع وعثمان، وبين أوس بن ثابت وبين الزبير، رضوان اللَّه عليهم أجمعين.
{إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا}: أي: إلا أن تُوصوا لمن أحبَبْتُم من هؤلاء بشيء، فيكون له ذلك بالوصية لا بالميراث.
وقيل:{مَعْرُوفًا} بالصلة لهم، والمعونةِ بالبر والعقلِ عنهم ونحوِها، هذا وجه.