للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسلمين مَن قتل وهرب مَن هرب قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني: المنهزمين، وانغمس في العدو وجعل يضرب بسيفه حتى قُتل، قال أنس: فنظرنا فإذا عليه فيما يُقبل من جسده (١) بضعٌ وثمانون جراحةً من ضربٍ بالسيف وطعنٍ بالرمح ورمي بالسهم، فلم يعرفه أحد حتى عرفته أختُه من بنانه، وفيه أنزل اللَّه: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} (٢)، يعني: النذر (٣).

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} قيل: هو طلحة بن عبيد اللَّه، فإنه قد بذل نفسه وأصابته الجراح في يده، وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "طلحة ممن قضى نحبه" (٤)، وإنما قال ذلك لأنه كان بذل نفسه.

{وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}؛ أي: ما نقضوا العهد.

* * *

(٢٤) - {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}.

وقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}: هم الذين صدَقوا ما عاهدوا اللَّه عليه وهو متصلٌ بما قبله، قالوا: هذا ما وعدَنا اللَّه ورسوله أنه يمتحنُنا بالشدائد


(١) "فيما يقبل من جسده" ليس في (ف).
(٢) رواه البخاري (٢٨٠٥)، ومسلم (١٩٠٣)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٦٥ - ٦٦)، وجاء آخر الرواية عند البخاري بلفظ: (قال أنسٌ: كنَّا نرى -أو نَظن- أنَّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} إلى آخِر الآيةِ). ونحوه في بعض روايات الطبري.
(٣) في (ر): "يعني أنس بن النضر" وليست في (ف).
(٤) رواه الترمذي (٣٢٠٢) من حديث معاوية رضي اللَّه عنه. ورواه بنحوه الترمذي أيضًا (٣٢٠٣) و (٣٧٤٢) وحسنه من حديث طلحة رضي اللَّه عنه.