وقال الحسن: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خطب امرأة لم يكن لأحد أن يخطبها معه ولا أن يُعرِّض لها، فقال:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}؛ أي: تدَعُها بعد خطبتها {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} فتتزوَّجُها {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} ذلك في القَسْم (١).
وقيل: أي: تطلِّق مَن تشاء منهن وتستبدل بها مَن تشاء {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} هو الرجعة فيمَن طلَّق.
قال محمد بن علي الباقر: لما تزوَّج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الكِنْدية أسماءَ بنتَ النعمان بن شرحبيل الجَونية، وكانت من أحسن النساء، قالت نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنْ تزوَّج علينا الغرائبَ فما له فينا حاجةٌ، فحبَس اللَّه نبيَّه على أزواجه اللاتي عنده وأحلَّ له من بنات العم والعمة والخال والخالة ما شاء اللَّه، فقال:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} يقول: من اللاتي أَحَل له ومن اللاتي عنده {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} من اللاتي عنده {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} يعني: نساؤه اللاتي عنده إذا علمن أنه لا ينكح عليهن غريبةً.
وقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}: أيها العِبَاد من الرجال والنساء، من محبة البعض لبعض {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا} بمصالح عباده {حَلِيمًا} لا يعاجلهم بالعقوبة على مخالفته.
* * *
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣٥٣)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ١٤٠ - ١٤١)، بلفظ: كان نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خطب امرأة فليس يَحِلُّ لأحدٍ أنْ يَخْطُبَها حتى يتزوَّجها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو يَدَعها، ففي ذلك أنزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآيةَ.