للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}: أي: يريهنَّ أنهنَّ حرائر {فَلَا يُؤْذَيْنَ}؛ أي: لا يؤذيَهنَّ أهل الريبة توهُّمًا منهم أنهن إماءٌ، فإنهم كانوا يَتْبعون الإماءَ وكان زيُّ الأمة والحرة في الأصل واحدًا وهو قميص وخمار، وربما آذى الرجل منهم الحرة بالرفث من الكلام، فأمر اللَّه بهذا ليزول ذلك عنهنَّ، وكنَّ عاجزاتٍ عن الزَّجر والإماءُ كنَّ يزجرن بالكلام.

وقيل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} بالعفاف فإنه غايةُ التستُّر (١) {فَلَا يُؤْذَيْنَ}: فلا يُتعرَّضَ لهن حين علم أنهن عفائف.

{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}: {غَفُورًا} لِمَا سلف قبل هذا من تركِ إدناءِ الجلابيب {رَحِيمًا} لا يؤاخذُهم بما ارتكبوه على جهلٍ، {رَحِيمًا} بدلالتهم على ما يزول به الأذى عنهم.

* * *

(٦٠) - {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}.

وقوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}: أي: لئن لم يكفَّ عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات هؤلاء ثلاثةُ الأصناف:

{الْمُنَافِقُونَ} وهم الذين يُضمرون الكفر اعتقادًا ويظهرون الإيمان قولًا.

{وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}؛ أي: شكٌّ فلا يعتقدون أحد الدِّينين.

{وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} المسلمون الذين يحرِّكون القلوب بإيقاع الأخبار الكاذبة.


(١) في (ر): "الستر".