للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {ظَلُومًا} نفسَه بمطاوعته حواءَ {جَهُولًا} بتفريق اللَّه بينه وبينها.

وقال الحسين بن الفضل: كانت الأمانة على السماوات والأرض والجبال عَرْضًا، وكانت على آدم فرضًا.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قال بعضهم: أي: خلقنا السماوات والأرض والجبال خلقةً لا تحتمِل حملَ ما ذكر من الأمانة {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} إباءَ خِلْقةٍ {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}؛ أي: خلقناه خِلقةً تحتمِل ذلك.

وقال بعضهم: هو على حقيقة العرض، إلا أنه على التخيير بين أن تَقبل وتفيَ بذلك فيكونَ لها الثواب، ولا تفيَ فيكونَ لها العقاب في الآخرة، وبين ألا تقبل فتكون كسائر الموات تَفْنَى بفناء الدنيا لا ثواب لها في الآخرة ولا عقاب، ولا يجوز أن يعرضَ عليهن ما ذُكر عرضَ لزوم وهن يأبَيْنَ ذلك، وقد وصفهن اللَّه بالطاعة له والخضوع في آيات، منها قوله: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١] {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} فكان له الثواب إن قام بها وعليه العقاب إن لم يقم بها.

قال (١): وقال بعضهم: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى} أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال فلم يحملوها، إلا الإنسان منهم فإنه حملها، وكان عرضُ الأمانة على هذه الأماكن وفيها الملائكة يعبدون اللَّه تعالى.

ومعنى عرضها عليهم: تعريفه إياهم أن في أداء الأمانة ثوابًا وفي تضييعها عقابًا، فقالوا: إن كان هذا عرض تخيير فقد تركنا الثواب مخافة العقاب نطيعك ولا نعصيك طرفة عين وكان هذا إباء امتناع للخوف لا إباء رد ولذلك قرنه بالإشفاق وهو الخوف.


(١) "قال" ليست في (أ).