للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت أخصبَ البلاد وأطيبَها وأكثرَها ثمرًا، حتى كانت المرأة تضع على رأسها مِكْتَلًا فتطوف فيما (١) بين الأشجار وقد امتلأ المكتلُ من ألوان الثمار من غير أن تمسَّ بيدها شيئًا (٢).

وكانت مياههم تخرج من جبلٍ، فبنوا فيه سدًّا بالصخر والقار، وجعلوا له ثلاثةَ أبواب: أعلى وأوسطُ وأسفلُ، وكانوا يسرِّحون المياه إلى أشجارهم وكرومهم منها، وكان عن يمين الوادي وسماره بساتينُ وكرومٌ وأنهار، وكان بين اليمين واليسار مسنَّاةٌ، وهي موضعٌ رفيعٌ فيما بين النهرين، فأرسل اللَّه إليهم ثلاثة عشر من الرسل عليهم السلام، فكذَّبوهم وكفروا بهم وبطروا النعمة، وقالوا للرسل: ما للَّه علينا من نعمة.

وقال الضحاك: كان ذلك في الفترة بين عيسى ونبيِّنا صلوات اللَّه عليهما (٣)، وكانت الفترة ستَّ مئة سنة، ويقال: خمسَ مئة وخمسين سنة (٤).

وقال أنس بن مالك رضي اللَّه عنه: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن سبأ فقال: "كان سبأٌ رجلًا وُلد له عشرةٌ من الأولاد، تيامَنَ منهم أربعة وتشاءم ستة، فأما الذين تيامنوا


(١) في (ف): "ما".
(٢) لم أقف عليه عن ابن عباس، وقصة المرأة التي يمتلئ مكتلها من الفواكه رواها عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٤١٥)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٢٤٧) عن قتادة. ورواها ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٦/ ٦٨٨) عن السدي.
(٣) ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٣/ ٥٧٦).
(٤) روى الطبري في "تفسيره" (٨/ ٢٧٥) عن الضحاك قال: كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى اللَّه عليهما أربع مئة سنة وبضعًا وثلاثين سنة. وعن قتادة: ست مئة، وفي رواية: خمس مئة وستون، وعن معمر: خمس مئة وأربعون.