للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}: أي: لكلِّ مؤمنٍ مستكملِ خصالِ الإيمان، فإن الشكر والصبر حاصِلُها (١)؛ أي: هو المنتفِع بهذه الآيات بالتأمُّل فيها وإن كانت الآيات للكلِّ على العموم.

* * *

(٢٠) - {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ}: قرأ عاصم وحمزةُ والكسائي وخلف: {صَدَّقَ} مشدَّدًا (٢)؛ أي: حقَّق على هؤلاء العصاة الذين أنكروا البعث وأعرضوا عن شكر اللَّه تعالى وكفروا به إبليسُ ما ظنَّه فيهم حيث قال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢]، {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} [الإسراء: ٦٢]، {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: ١٦]، وأشباه ذلك.

ولم يقل ذلك عن ثقةٍ بأنه سيكون كذلك، فإنه لم يُخبر به، ولا كان عالمًا بالغيب، لكن استدلالًا بإستزلاله آدمَ وحواء، وقال: تنفُذُ في أولادهما حيلتي كما نفذت فيهما، وحقَّق ذلك الظنَّ بجهده في الإغواء (٣) والتزيين.

{فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: إن جُعل {مِنَ} للتمييز فمعناه: فاتَّبعوه في الكفر إلا المؤمنين، وإنْ جعل من للتبعيض فمعناه: فاتبعوه في المعاصي إلا فريقًا من جملة المؤمنين لم يتابعوه في معصيته، وهم المخلصون المطيعون.

وقرأ الباقون: {صَدَق} مهه بالتخفيف؛ أي: صدَق إبليس في ظنه وخرج كما ظن.


(١) في (ر): "حاصله"، وفي (ف): "حاصلهما".
(٢) وقرأ باقي العشرة بتخفيف الدال كما سيأتي. انظر: "السبعة" (ص: ٥٢٩)، و"التيسير" (ص: ١٨١)، و"النشر" (٢/ ٣٥٠).
(٣) في (ر): "الإغراء".