للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أذكِّركم بكلمة واحدةٍ أو خَصلةٍ واحدةٍ أو موعظةٍ واحدةٍ، وأكتفي بها منكم، وهي: {أَنْ تَقُومُوا} وهي قيامُ القصد إلى الشيء دون النهوض والانتصاب {لِلَّهِ}؛ أي: لوجه اللَّه والْتماسِ التقرُّب إلى اللَّه تعالى، لا لحميَّة وعصبية بل لطلب الحق {مَثْنَى وَفُرَادَى}؛ أي: مجتمعين ووحدانًا؛ لأن ما يراد تعرُّفه بالنظر (١) لا يخلو من أن يكون مما يدركه الناظرُ وحده إذا أمعن (٢) نظره لوضوح وجهه، أو يكون مما لا تتجلَّى الشبهة فيه عنه بانفراده لغموضه حتى يستعين بغيره، فالأحوطُ هو النظر في الأمر بالوجهين.

{ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}: أي: تستعملوا فكركم بالتدبُّر في أمر محمدٍ: هل في شيء من أحواله من مَنشئه إلى وقتِ إخباره بنزول الوحي عليه اشتباهٌ (٣) في أمره أو اختلالٌ في حاله يوجب له وصمَه، أو يوجِّه (٤) عليه ظنَّه بما لا يجوز معه في العقل أن يكون رسولًا؟

وهل جرَّبتم عليه كذبًا، أو رأيتم في عقله ضعفًا، أو شاهدتُموه يختلف إلى مَن يدَّعي سحرًا أو يكون عنده أقاصيصُ الأولين فيأخذُها منه تعلُّمًا؟

أو هل يقدر أحدٌ منكم على معارضته في صورة (٥) فتجوِّزوا بذلك أن يكون هذا الكتاب مِن عنده؟

فإذا لم يكن كذلك فاعلموا أنه ليس به جنونٌ، وأنه نذير لكم بين يدي عذابٍ


(١) في (أ): "بقربه بالنظر" وفي (ر) (ف): "تعرفه للنظر".
(٢) في (أ): "أنعم".
(٣) في (أ) و (ف): "انتشار".
(٤) في (ر): "يوجب"، وفي (ف): "يوجبه".
(٥) في (أ): "سورة".