للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شديد: أمام عذابٍ قد أعدَّه اللَّه تعالى لمكذِّبي رسوله وجاحدي كتابه ومشركي غيرِه به، واحذروا أيضًا أن ينالكم هذا العذاب الشديد، فقد اشتملت هذه الآية مع قلَّة حروفها على إثبات النظر ووجوهه.

ثم قوله: {مَا بِصَاحِبِكُمْ} يحتمل وجهين:

أحدهما: ثُم تَتَفكَّروا أيُّ شيء بصاحبكم من الجنون؛ أي: من آثار الجنون، فيتصل الكلام.

والثاني: أن يتم الكلام بقوله: {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}؛ أي: في الأمور التي عدَّدنا، ثم يكون قوله: {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} ابتداءً، ويكون {ما} للنفي؛ أي: ليس به جنون {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}؛ أي: ما هو إلا مخوِّف لكم أمام عذاب شديد.

* * *

(٤٧) - {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.

وقوله: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}: أي: كلُّ ما طلبتُ منكم على ما أدعوكم إليه من الإيمان من جُعلٍ فهو لكم؛ أي: فقد جعلتُه لكم لا حاجةَ لي إليه، ولا أطلب منكم شيئًا {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}؛ أي: ما أبتغي عليه إلا الثوابَ من اللَّه تعالى، وقد وعده لي وعدًا مؤكَّدًا لا خُلف فيه {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}؛ أي: شاهدٌ عليَّ وعليكم، مشاهِدٌ لأفعالي وأفعالِكم، فيجزي كلًّا على وَفْق عمله، وهذا تأكيدٌ أنه لم يسألهم شيئًا، وهو كقولك لمن نصحت له فلم يقبل: ما أعطيتني على نصيحتي لك فخذه مني؛ أي: لم تعطني شيئًا ولم أسأله منك.

وللآية وجهٌ آخر: قال الكلبي: لما قال اللَّه تعالى لنبيه: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا