للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}: أي: تجمعُه بإثارته من مواضعه.

{فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ}؛ أي: تسوقه الرياح بأمرنا وتقديرنا.

{فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}: أي: بالسحاب، هذا ظاهره، ومعناه: بالمطر الذي في السحاب، و (تثير) مستقبَل و (سقناه) و (أحيينا) ماضيان، والأول إضافةٌ إلى الريح، وهذا إلى نفسه، وهذا من تلوين الكلام ومن أقسام البلاغة والبيان.

{كَذَلِكَ النُّشُورُ}: أي: البعثُ بعد الموت.

* * *

(١٠) - {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ}.

وقوله تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ} يتصل بقوله: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} والتغرُّر (١) بالمال والسلطان والشرف في الدنيا.

{فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}: هو العزيز بذاته والمعزُّ مَن يشاء مِن خلقه، وإنما يعزُّ المؤمنين والمطيعين بالإيمان والطاعةِ، لا الكفارَ المترفين بالمال والسلطنة، فقد قال: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} إلى قوله: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: ٢٦] قال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] ولا تُعارض هذه الآيةُ تلك الآيةَ؛ لأن عز الرسول والمؤمنين بإعزاز اللَّه، فله العزةُ جميعًا على الحقيقة.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ} بعبادة الأصنام؛ كما قال: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} [مريم: ٨١]، وقال: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} [يس: ٧٤] {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}؛ أي: بتوحيد اللَّه يُنال العز؛


(١) في (ف): "والتعزز".