للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبارة القشيري: (يُعطي سبحانه الكثيرَ من عطائه ويَعدُّه قليلًا، ويَقبل اليسيرَ من طاعةِ العبد ويَعُدُّه كثيرًا عظيمًا، يعطيهم الجنةَ قصورًا وحورًا ثم يقولُ: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}، ويقبلُ اليسيرَ من العبد فيقولُ: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: ٢٦] (١).

- وفي قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء: ١٣] نقل عن القشيري قوله: وقيل: مَن حاسبَه بكتابه وجد كلَّ زلَّةٍ ومَهلكةٍ، ومَن حاسبَه بكتابِ نفسِه ففي كتابه سبحانه: {الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: ٥٨]، فالواجبُ على العبد أن يبتهِلَ في دعائه فيقولَ: اللهمَّ حاسِبْني بكتابك على ما قلتَ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] لا بكتابي فإنه مشتمِل على القبائح والفضائح.

وعبارة القشيري: (ويقال: مَن حاسبَه بكتابه فكتابُه ملازمه في حسابه، فيقول: ربّ، لا تحاسبني بكتابي، ولكن حاسبني بما قلتَ: إنَّك {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: ٣] لا تعاملني بمقتضَى كتابي ففيه بواري وهلاكي) (٢).

- وفي أواخر تفسير الفاتحة قال المؤلِّف: وقولُه عليه السلام في حديث القِسمة: "هذا بيني وبينَ عَبْدي نصفَين" (٣)، أشار الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه إلى معنيَين فيه:

أحدُهما: أن يكون كلُّ واحدٍ منهما بينَ اللَّهِ وعبدِه، العبادةُ من العبدِ وهي للَّهِ تعالى، والاستعانةُ فعلُ العبد وهي طلبُه من اللَّه تعالى.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٦٥٢).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٤٠).
(٣) قطعة من حديث رواه مسلم (٣٩٥) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>