للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقدم رجل من الشام إلى المدينة فلقي أبا الدرداء، فقال له أبو الدرداء رضي اللَّه عنه: ألَا أحدِّثك حديثًا أُتحفك به ما حدَّثتُ به غيرك منذ سمعتُه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، سمعتُه تلا هذه الآية إلى قوله: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} قال: "يدخل السابق بالخيرات الجنةَ بغير حساب، ويحاسب المقتصد حسابًا يسيرًا، ويُحبس الظالم لنفسه في طول المحشر (١)، ثم يتلقَّاهم اللَّه جميعًا برحمته، فعند ذلك يقولون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} " (٢).

وروي عن أبي مسلم الخولاني رضي اللَّه عنه: أن رجلًا من أهل الكتاب أسلم فقال له ناس: ما حملك على الدخول في ديننا؟ فقال: رغبتي فيكم، وسأحدثكم أيها الأمة: إنكم تنزلون يوم القيامة على ثلاث فرق:

فأما فرقه: فيدخلون الجنة بغير حساب.

وأما فرقة فيحاسبون حسابًا يسيرًا.

وأما الثالثة فتقوم الملائكة فيقولون: ربنا هؤلاء أصحاب الدماء الحرام والأموال السهام والفروج الحرام، غير أنَّا وجدناهم لا يشركون بك شيئًا، قال: فيقول: اجعلوا خطاياهم على أهل النار وأدخلوهم الجنة.

قوله تعالى: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}: أي: توفيقُ اللَّه تعالى السابقَ إلى الخيرات بالسَّبق إفضالٌ من اللَّه كبير.


= وحديث أبي سعيد رواه الإمام أحمد في "المسند" (١١٧٤٥)، والترمذي (٣٢٢٥)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٣٧٦). قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: في إسناده من لم يُسمَّ.
(١) في جميع النسخ: "الحبس"، والمثبت من المصادر.
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٤٤٩)، والإمام أحمد في "المسند" (٢١٦٩٧) و (٢٧٥٠٥)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٣٧٥). وإسناده ضعيف، ينظر الكلام عليه في حاشية "المسند".