فعلى قول هؤلاء قوله:{فَمِنْهُمْ} لا يرجع إلى قوله: {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} وإنما يرجع إلى قوله: {مِنْ عِبَادِنَا}؛ أي: فمن عبادنا خلقه كافر وكذا وكذا، وقوله تعالى:{يَدْخُلُونَهَا} يرجع إلى قوله: {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} لا إلى عموم قوله: {مِنْ عِبَادِنَا} وإلى الظالم لنفسه والمقتصد والسابق، ويكون قوله:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} بيانُ موضع الظالم لنفسه، ويستقيم أيضًا على نظمه وظاهره قوله تعالى:
{كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}: مبالغةٌ في الكافر، وهو الذي يجحد اللَّه أو رسله أو كتبه أو البعث أو شيئًا مما أخبر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كائن.
وقوله تعالى:{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا}: أي: يستغيثون في النار بصوتٍ عال، والصراخ: الصوت العالي في الاستغاثة.
{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}: هذا بيان صراخهم، يقولون: ردَّنا إلى دار الامتحان نعملِ الطاعات غيرَ الذي كنا نعملُ من المعاصي.
{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}: وهذا رد عليهم، ويضمر في أوله: فيقال لهم: أولم نجعلْ لكم من العمر في الدنيا ما يمكِن التذكُّر والاتِّعاظ فيه بالكتب ومقالات الرسل، وهذا استفهامٌ بمعنى التقريعِ والتوبيخ.
وتقدير قوله:{مَنْ تَذَكَّرَ}؛ أي: مَن أراد أن يتذكر.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٤٤٣)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٣٧٢).