{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} بها على شرككم {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ}؛ أي: ادخلوها {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}؛ أي: بسبب كفركم.
{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}: إذا قيل لهم: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَان}[يس: ٦٠] جحدوا وقالوا: ما عبدناه، فيَختم اللَّه على أفواههم؛ أي: يفعل بأفواههم ما لا يمكِنهم معه أن يتكلَّموا بألسنتهم، وابن عباس فسَّره بالإخراس، وبعضهم حمله على قول النبيِّ:"إنكم تُدْعون يوم القيامة مفدَّمةً أفواهكم بالفِدام حتى إنَّ أول ما يُبين عن أحدكم لفخذُه ويدُه"(١).
{وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ} تخبرُ بما امتدَّت إليه في المعاصي {وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} بما خطَوا به إلى الباطل، وهو قوله:{بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
وقال في آية أخرى:{حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ}[فصلت: ٢٠]، وقال:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ}[النور: ٢٤]، فذكر شهادة الألسُن في هذه الآية مع ذكر الختم على الأفواه في تلك الآية، وذكروا له وجوهًا وأوضحها قول الإمام أبي منصور رحمه اللَّه: أنهم إذا جحدوا أنطق اللَّه الجوارح
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٠٠٤٣)، والطحاوي في "شرح المشكل" (٤١٦٠)، والطبراني في "الكبير" (١٩/ ٩٧٣)، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.