للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: قل يا محمد للكفار -بعدما قلتَ للمسلمين-: أمرَني اللَّه أنْ أعبدَه مُخلصًا له الطاعة والانقياد، بخلافِ ما أنتم عليه، وأمرَني أنْ أسبق الأمة إلى الإسلام، لا أنتظر به إسلام أحد منهم؛ ليكونَ لي شرَف السَّبْق، وثوابُ الكل بسبب السَّبْق.

وقولُه تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}: جمَعَ بين صِلَتين، وهما اللام و (أنْ)، ويجوز ذِكْر الأمر على ثلاثة أوجه: وأُمِرْتُ أنْ أفعل، و: أُمِرْتُ لِأفعل؛ قال تعالى: {لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٧١]، و: أُمِرْتُ لِأنْ أفعل.

وقيل: معناه هاهنا: أُمِرْتُ أنْ أعبد اللَّه تعالى، وأُمِرْتُ بذلك لأنْ أكون أول المسلمين، فأنالَ شرف ذلك وثوابه.

* * *

(١٣ - ١٥) - {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.

{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}: أي: عظيم الأحوال، كثير الأهوال.

قولُه تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي}: كما أمرني به.

{فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}: وهذا أمرُ تهديدٍ؛ أي: اختاروا لأنفسكم ما شئتُم، فقد اخترتُ (١) لنفْسي ما أمرَني به ربي، ودليلُ أنه للتهديد: ما سبَقَ مِن ذِكْر العذاب العظيم على خلاف هذا الأمر، وكذا ما ذُكِر بعده مِن الخُسْر (٢).

وقولُه تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: أي: الذين عبدوا غيرَ اللَّه هم الهالكون، أهلكوا أنفسهم وأهليهم.


(١) في (أ): "أجزت".
(٢) في (ر): "الحشر".