للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٠) - {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

وقولُه تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ}: أي: {قُلْ} محمد عني: {يَاعِبَادِ}؛ أي: خواصِّي {الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ}، فأطيعوه ولا تعصوه.

وقولُه تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}: له وجهان:

أحدُهما: الذين أحسنوا في الدنيا لهم حسنةٌ في الآخرة، وهي الجنة، {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ}؛ أي: أرض الجنة؛ كما قال: {عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ٢١]، واسم الأرض يقع عليها، قال تعالى: {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر: ٧٤]، وقولُه تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ} على الإحسان في الدنيا {أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}: ثوابًا لا يدخل في حساب الخَلْق لكثرته.

والثاني: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}: وهي النصر؛ كما قال: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: ٥٢]؛ أي: النُّصْرةَ أو الشهادةَ، وقولُه تعالى: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ}؛ أي: وأرض الدنيا مُتَّسعة لِمَن ضعُفَ عن الصبر على فتنة المشركين، وتعذيبهم على الدين، فهاجِروا فيها إلى أرضٍ تأمنون بها على أنفسكم وأديانكم، ولا ترجعوا إلى دين الكفار بإكراهكم، واصبروا على الحق وأذى الخَلْق، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ} على ذلك {أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

* * *

(١١ - ١٢) - {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}.

وقولُه تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}: