وقولُه تعالى:{إِنِّي عَامِلٌ}: أي: ثابت على ما أنا عليه مما قد اخترتُه لنفْسي، ينتظر كلٌّ منا ما يَؤول إليه أمره {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ}؛ أي: يفضَحُه {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ}؛ أي: يحِقُّ عليه ويجب عليه {عَذَابٌ مُقِيمٌ}؛ أي: دائم.
ثم في قوله:{مَكَانَتِكُمْ} وجهان:
أحدُهما: أنْ تكون مَفْعَلةً مِن الكون؛ أي: على موضع كونكم، والمكانةُ بمعنى المكان؛ كالمَقامة تكون بمعنى المقام.
والثاني: أنْ تكون فَعَالةً مِن التَّمكين (١)، ومعناه: اعملوا مُتمكِّنين.
وقال أبو العالية:{اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} في هلاكي إنْ قدِرْتُم عليه {إِنِّي عَامِلٌ} على هلاككم {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} مَن الغالبُ منا ومنكم.
وقولُه تعالى:{فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ}: أي: فنَفْعُه له {وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}؛ أي: ضرَرُه عليه.
وقولُه تعالى:{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}: أي: بمُسَلَّط على إكراههم على الإسلام، فإنه ليس ذلك بيدكَ، وإنما عليك البلاغ، وهو كقوله:{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}[الغاشية: ٢٢].