للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: يعني: إذا بدَّلْناه بالسَّقَم الصحةَ، وبالفقر الغنى (١).

{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}: أي: لِفَضْلي.

وقيل: أي: لم ير ذلك مِن عندنا، ولم يعُدَّه مِن عطائنا، ويقول (٢): إنما أُعطيتُه على علمٍ علِمَه اللَّه مني، فأعطاني ما أعطاني لاستحقاقي ذلك بفضلي.

وقيل: على علم مني بجَمْعه واكتسابه، فأُعطيته بجُهْدي وتصرُّفي واكتسابي، لا مِنَّةَ لأحد عليَّ فيه يستحق فيها شكري.

وقيل: على علم مني قبل أنْ أُعطاه (٣) أني أُعطاه لاستحقاقي ذلك بعقلي وكفايتي.

فردَّ اللَّه تعالى عليه ذلك، فقال: {بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ}: أي: عَطِيَّةٌ مِن اللَّه امتحنه بالشكر له عليها، والاستعانة على إقامة الدين بها، وهو كقوله: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه: ١٣١].

وقال الحسين بن الفَضْل رحمه اللَّه: أي: كلِمَتُه هذه التي قالها فتنةٌ له (٤).

وقيل: إن هذه النعمة بَلِيَّةٌ ابتليتُه بها.

وقولُه تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: أي: لا عِلْمَ لهم ولا تمييز لهم، يقولون ذلك بجهل، ولو تدبروا لعلموا أن اللَّه تعالى لو أراد لسلَبَهم قوة الاكتساب، فلم يُمكِنْهم جمع شيء، ولو أراد أتلَفَها، ولعلموا أن كثيرًا ممن يُخالفهم في دينهم أوتوا أكثر منهم، وأنَّ كثيرًا مِن الناس أكثرُ اجتهادًا منهم في الاكتساب ولا شيء لهم.


(١) ذكره الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٢٠) من غير نسبة، ولم أقف عليه بلفظه عن ابن عباس.
(٢) في (ف): "وقيل".
(٣) في (ف): "قبل إعطائه".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٤٠).