وقولُه تعالى:{قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي: هذه المقالةَ بهذه الجهالة.
{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}: أي: فما نفَعَهم شيئًا ما جمعوه مِن الأموال، وظنوا ذلك لفَضْل فيهم، وأنه يعصِمهم مِن عذاب اللَّه تعالى، وما دَفع العذابَ عنهم.
ويجوز أنْ تكون (ما) للاستفهام، ويجوز أنْ تكون للنفي.
قولُه:{فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا}: أي: فنالَهم جزاءُ سيئاتِ أموالهم التي كسبوها، وتلك السيئات هي ما استعانوا به في إماتة دِين اللَّه، وأنفقوه في معاصي اللَّه، وقوَّوا بها أعداء اللَّه.
وقيل: السيئات: هي عقوبات ما كسَبوه مِن المعاصي؛ سُمِّي بذلك للمقابلة؛ كما في قوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠]، أو لأنها تسوؤهم، أو هم يكرهونها، فوُصِفت بالسوء لذلك.
وحاصلُه: أنَّ أموالهم لم تنفعهم، بل عُذِّبوا بها وانتُقِمَ منهم كما فُعِل بقارون، فخُسِف به وبداره الأرض، {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}[القصص: ٨١].