للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشُّبَه والمخاريق، وقد استرحنا مِن مُدَّعي الرِّسالات (١)، فقد أعرضتُم عن الاستدلال وقبول الحق، وأسرفتُم في التَّمادي، وأصررتم على العِناد، فأدَّى ذلك منكم إلى قَصد قتْلِ موسى الآن.

{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}: أي: يَخذُلُ مَن أسرف وارتاب، ولا يوفِّقُه إذا علِمَ منه اختيار الضلالة ولُزومَ الجَهالة.

وقيل: {قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا}: كان تمنِّيًا منهم بعثَ رسولٍ، وتأسُّفًا على فَوْت يوسف عليه السلام، يقول: فأنتم الآن كذلك تفعلون بموسى عليه السلام، ولعلكم تتمنَّونه بعد فَوْته.

ويؤكِّدُ هذا التأويلَ قراءةُ ابن مسعود رضي اللَّه عنه: (قلتُم ألن يبعث اللَّه) بألف الاستفهام (٢).

* * *

(٣٥) - {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}.

قولُه تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ}: قيل: هو ترجمةٌ عن قوله: {هُوَ مُسْرِفٌ}، وهذا جَمْعٌ، وذاك واحدٌ، لكنه اسمُ جنسٍ، فصلَح للجَمْع معنًى.

وقيل: هو مبتدأ، وللابتداء وجهان:

أحدُهما: أنه كلام ذلك المؤمن.


(١) في (ر) و (ف): "النبوات".
(٢) انظر: "تفسير السمعاني" (٥/ ١٩)، و"المحرر الوجيز" (٤/ ٥٥٩)، ونسبت لأبيٍّ أيضًا.