للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا}: أي: ذلَّلَهُ وليَّنَه لنا.

{وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}: أي: مُطيقِين (١).

وقيل: ضابِطين؛ يعني: لِكِبَرِ أجسامِها، وصُعوبةِ أخلاقِها، وأَمْرُ السُّفُنِ أعجبُ منه وأهيبُ، واللَّه تعالى يقول: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: ٣٣]، ويقول: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} [الشورى: ٣٤].

* * *

(١٤) - {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}.

وقولُه تعالى: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}: أي: لَراجعون إلى جزائه؛ يعني: لم يُسَخِّرْ لنا هذه المراكبَ إلا لِيَسْتَأْدِيَ شُكْرَنا عليها وعلى سائر نِعَمِه، ويُحاسِبَنا على ذلك يومَ القيامةِ، ويجزيَنا على وَفْقِ أعمالِنا.

ثمَّ الكلامُ إلى هذا الموضع يتَّصِلُ بقوله: {الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} صفةً له، وليس هو على معنى حكايةِ لفظ الكفار المسؤولين عمَّن خلَقَهم؛ لأن قوله: {فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} لا يَليقُ بذلك، وإنما قولُهم إذا سُئِلوا عن هذا: مَن خلَقَ السموات والأرض؟ قالوا: اللَّهُ، فيكون هذا اعترافًا منهم للَّه تعالى بالخَلْق، وفي ذلك ما يَكفي لِتَبْيينِ جَهْلِهم في الإشراك به ما لا يَقْدِرُ على شيء.

ثم لَمَّا كان اللَّه تعالى موصوفًا بهذه الصفات المذكورة في الآيات (٢) أتبَعَ ذِكْرَ اعترافِهم بهذه الصفات؛ كأنه قال تعالى: ولئن سألتَهم عن ذلك لأَضافوا ذلك إلى اللَّه الذي هو موصوف بهذه الصفات.


(١) في (ف): "مطيعين".
(٢) في (ر) و (ف): "في القرآن والآيات".