للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٥) - {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ}.

وقولُه تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا}: أي: ومِن جَهْلِهم أنَّهم مع اعترافِهم أنَّه خالقُ السماوات والأرض يجعلون له مِن خَلْقِه ولَدًا؛ لأنَّ الولدَ جزءٌ مِن الوالد.

وقولُه تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ}: أي: إنَّ الكافرَ باللَّه الجاهلَ به كفورٌ نِعَمَه، ظاهِرُ الكُفْران، مُجاهِرٌ بالشرك.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قالت الثَّنَوِيَّةُ: إنَّ اللَّه تعالى خالِقُ الخَيْراتِ، وخالِقُ الشُّرورِ غيرُه، فيَحتَمِلُ أنْ يكون المرادُ أنَّهم جعلوا للَّه جُزْءًا مِن الخَلْق لا كُلَّه، وكذلك مُشْرِكو العرب كانوا يجعلون مِن الحَرْث والأنعام للَّه جُزْءًا، ولآلهتهم جُزْءًا (١).

وقيل: معنى قوله: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا}؛ أي: مِثْلًا وشَبَهًا، ومجازُه: أنَّهم عبَدوا عِبادَه كما عبَدوه.

* * *

(١٦) - {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ}.

وقولُه تعالى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ}: استفهامٌ بمعنى الإنكار والتَّوْبيخ.

{أَمِ}: يُعطَفُ بها على ألف الاستفهام، وتقديرُه: أتقولون أنَّ اللَّه ولَدَ ولَدًا أم اتَّخَذَ مِن خَلْقِه بناتٍ؟!

وقولُه تعالى: {وَأَصْفَاكُمْ}: أي: خَصَّكم {بِالْبَنِينَ}: وهو كقوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: ٢١ - ٢٢]، وقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} [الصافات: ١٤٩] الآيات، وقد فسَّرْناها هناك.


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٩/ ١٥٤).