للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٧ - ٢٨) - {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

وقولُه تعالى: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ}: قيل: كان في قومه مَن يعبُدُ اللَّهَ ويعبُدُ معه غيرَه، فصَحَّ الاستثناءُ بقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} مِن قوله: {مِمَّا تَعْبُدُونَ} لذلك.

وقيل: الاستثناءُ مُنقَطِعٌ بمعنى (لكنْ)، و {مَا تَعْبُدُونَ} مُقْتَصِرٌ على الأصنام، ومعناه: لكنِ الذي خلَقَني أعبُدُه.

{فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ}: أي: سيُثَبِّتُني على الرُّشْد.

وقولُه تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}: أي: جعَلَ إبراهيمُ كلمةَ التوحيدِ باقيةً في ولَدِه وولَدِ ولَدِه، فتوارثوا البراءةَ عن الأصنام، والتَّديُّنَ بالإسلام، وتواصَوا به.

{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: أي: لِيَرجِعَ المشركون مِن قومهم إلى طاعة ربهم مِن كفرهم وشركهم.

وقيل: أي: جعلَها اللَّهُ باقيةً في عقِبِ إبراهيمَ؛ أي: شرَعها فيهم لِيَرْجِعَ إليها كلُّ مَن كان على غيرها مِن عقِبِه؛ إذ علِموا أنَّ اللَّه تعالى ألزمَهمُ التَّدَيُّنَ بها.

وقال قتادة: هي التوحيدُ والإخلاصُ، لا يزالُ في ذُرِّيَّته ونَسْله مَن يُوحِّدُ اللَّهَ ويعبدُه (١).

* * *


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٧٦١)، والطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٧٧)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٢٠٩).