للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٩ - ٣٠) - {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ}.

وقولُه تعالى: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ}: {بَلْ}: لِرَدِّ ما قبلَه؛ يعني: ليس شركُ هؤلاء ولا شركُ آبائِهم لِقُصور البيان مِن جهة الرسل، بل أمهلتُ هؤلاء وآباءَهم، وأخَّرْتُ العذابَ عنهم، فاغترُّوا بذلك، وظنُّوا أنهم على حقٍّ، فقلَّدوا الآباءَ حتى جاءهم رسولُ محمَّدٍ (١) بالحقِّ، وهو الإسلامُ والتوحيدُ الذي هو دينُ إبراهيمَ.

وقولُه تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ}: أي: ولَمَّا جاءَهم القرآنُ قالوا باهِتين: {هَذَا سِحْرٌ}، وقالوا مُعانِدين ومُكابِرين: {وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ}.

* * *

(٣١) - {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}.

{وَقَالُوا}: مُتَحَكِّمين بالباطل: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}: أي: على رجلٍ عظيمِ الرِّياسة بالمال والأتباع مِن هاتين البلْدتينِ: مكَّةَ والطَّائفِ.

أي: كيف خُصَّ محمَّدٌ بهذه الفضيلة التي تُوجِبُ انقيادَ العُظماءِ له مع فَقْره وضَعْفِ حاله في أسباب الدنيا.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: يَعْنون بالعظيم مِن القريتين: الوليدُ بنُ المغيرة القُرَشِيُّ، وحبيبُ بنُ عمرو بنِ عُمَيرٍ الثَّقَفِيُّ (٢).


(١) كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: رسولنا محمد.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٨٠)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٣٢)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٢٢٣).