للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الكسائي: هما لُغتان في الإِعْراض؛ كقولهم: (يَعْرِشُ ويَعْرُش)، و (يَعْكِفُ ويَعْكُفُ)، و (يَعْتِلُ ويَعْتُلُ) (١)، و (يَدِرُّ ويَدُرُّ) (٢).

* * *

(٥٨) - {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}.

وقولُه تعالى: {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ}: أي: الملائكةُ الذين نعبُدهم {أَمْ هُوَ}: يَعْنون عيسى ابنَ مريمَ عليه السلام، وهو استفهامٌ بمعنى التَّقْرير منهم.

أي: الملائكةُ مِن أهل السماء، وعيسى أَرْضِيٌّ، فكان عندهم الملائكةُ خيرًا مِن البَشَر، فإذا جازَتْ عبادةُ مَن في الأرض جازَتْ عبادةُ مَن في السماء، ولَمَّا جازَ لهم أنْ يجعلوا الأَرْضِيَّ ولَدًا للَّه تعالى، جازَ لنا أنْ نجعلَ أهلَ السماءِ بناتٍ للَّه تعالى.

وقولُه تعالى: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا}: أي: لم يضرِبوا لكَ هذا المثَلَ إلا إظهارًا للغلَبة في المُجادلة دون طلَبِ الحقِّ بالمُباحثة، وليسوا بأهل الجدَلِ في هذا وحدَه {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}: مُجادِلون في كل شيء.

* * *

(٥٩ - ٦٠) - {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ}.

وقولُه تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}: أي: ما عيسى إلَّا عبدٌ أكرَمْناه بالنُّبُوَّةِ.


(١) في (أ): "ويقتل ويقتل". وعتَله يعتِله ويعتُله: جره عنيفًا. انظر: "القاموس" (مادة: عتل).
(٢) ذكره النحاس في "معاني القرآن" (٤٦)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٤٠)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٢١٨)، وابن عطية في "تفسيره" (٥/ ٦٠).