للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل -وهو قولُ الفراء-: {فَأْتُوا بِآبَائِنَا} خاطَبوا به النبيَّ خاصَّةً (١)؛ أي: ادعُ اللَّهَ تعالى أنْ يُحيِيَهم لنا.

* * *

(٣٧) - {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}.

وقولُه تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}: استفهامٌ بمعنى النفي؛ أي: ليس قُرَيشٌ بأقوى وأكثرَ عُدَّةً مِن قوم تُبَّعٍ والمُتقدِّمين، وقد أهلَكْناهم بجُرْمِهم، وهؤلاء مُجرمون أيضًا، فنفعلُ بهم كذلك.

وتُبَّعٌ: مَلِكُ اليَمَنِ.

قال الكلبي: إنما ذُكِرَ قومُ تُبَّعٍ؛ لأنَّهم أقربُ إلى أهل مكة في الهلاك مِن غيرهم، وسُمِّيَ تُبَّعًا لكَثْرة أتباعِه، وتُبَّعٌ ليس باسم الملِكِ خاصٌّ، بل هو اسمٌ لملِكِ اليمن؛ ككِسْرى لفارسَ، وقَيْصَرَ للرُّوم، والنَّجاشيِّ للحَبَشة، والخاقانَ للتُّرْك (٢).

وقال أبو عُبيدة: كلُّ ملِكٍ لليمن يُسَمَّى تُبَّعًا؛ لأنَّه يَتْبَعُ صاحبَه، ومَوْضِعُ تُبَّعٍ في الجاهلية كمَوْضِعِ الخليفة في الإسلام (٣).

وقال قُطْرُب: أهلُ اليَمَنِ يفتخرون بهذه الآية؛ إذ جعلَ قومَ تُبَّعٍ خيرًا مِن قُرَيشٍ.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: تُبَّعٌ لقَبٌ كفرعون وهامان، واسمه: أسعدُ بن مَلْكا كَرِب (٤).


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٤٢).
(٢) ذكر نحوه عن الكلبي الواحديُّ في "البسيط" (٢٠/ ١١٥).
(٣) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ٢٠٩).
(٤) في (أ): "ملكا كيرب". والخبر ذكره البغوي في "تفسيره" (٧/ ٢٣٣) عن عكرمة عن ابن =