للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}: يقول: أفرأيتَ -يا محمد- هؤلاء المشركين الذين اتخذوا أهواءَهم (١) آلهةً يعبُدونها ويُطيعون أمرَها، ولا يتَّبِعون كتابَ اللَّه، قد أضلَّهم اللَّهُ وخذلَهم على عِلْم؛ أي: قد علِمَ أنهم يَختارون الضَّلالةَ، وطبَعَ على قلبه، فلا يعتقِدُ حقًّا، {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ}، فلا يقبَلُ وَعْظًا {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} فلا يُبْصِرُ عِبْرةً.

{فَمَنْ يَهْدِيهِ}: استفهام بمعنى النفي {مِنْ بَعْدِ اللَّه} قيل: مِن بعد إضلالِ اللَّه.

وقيل: {مِنْ بَعْدِ اللَّه}: أي: سوى اللَّهِ.

{أفَلَا تَذَكَّرُونَ}: بعُقولكم ذلك.

وروى أبو أمامة الباهليُّ رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ما عُبِدَ إلهٌ تحت ظلِّ السماء أبغضُ إلى اللَّه مِن هوًى" (٢).

وقيل في قوله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}: كانوا في الجاهلية يعبُدون ما يَسْتَحْسِنُونه، فإذا استحسَنوا غيرَه ترَكوا الأولَ وعبَدوا الثاني، فإنما كان يعبُدُ ما يَهْواه.

وعلى هذا يكون الهوى مصدرٌ بمعنى المفعول؛ أي: يجعلُ إلهَه (٣) مَهْوِيَّه؛ كقولك: فلانٌ رجائي؛ أي: مَرْجُوِّي، وهذا شَهْوَتي؛ أي: مُشْتَهَاي.


(١) في (أ): "هواهم".
(٢) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (٣)، والخرائطي في "اعتلال القلوب" (٨٧)، والطبراني في "الكبير" (٨/ ١٠٣)، والواحدي في "الوسيط" (٤/ ٩٩)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/ ١٣٩) وقال: هذا حديث موضوع على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيه جماعة ضعاف، والحسن بن دينار والخصيب كذابان عند علماء النقل.
(٣) في (ف): "الآلهة".