للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مما كانوا يَأْثُرونه عن أسلافهم، ويَدَّعون وقوعَ العلمِ بها وإن لم يكن لها حقيقةٌ.

يقول: بأيِّ حُجَّةٍ تُشركون باللَّه الذي تُقِرُّون أنه خالقُكم ورازقُكم غيرَه؟! ثم لن يجوزَ أنْ يُشْرِكَ به في العبادة إلا مَن شاركَه في السَّبَب الذي يستحِقُّ به العبادةَ، فهل خلَقَتِ الأصنامُ شيئًا مِن الأرض أم لهم شِرْكٌ في مُلْكِ السماوات؟! ولن تستطيعوا أنْ تَدَّعوا هذا، فمِن أي وجهٍ (١) استجزتُم إشراكَها باللَّه تعالى؟! ثم إنِ ادَّعوا لآلهتهم شُركاءَ في الخَلْق فليُثْبِتوا ذلك بخبَرٍ؛ إذ لا مُشاهدة، وهو كتابٌ أو طريقٌ آخرُ يُعْلَمُ به، وإذا عُدِمَ هذا كلُّه فاعلموا أنكم كاذبون؛ إذ الصِّدْقُ لا يثبُتُ إلا ببُرْهان.

* * *

(٥) - {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}.

وقولُه تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}: استفهامٌ بمعنى النفي؛ أي: لا أضلُّ ممن يعبُدُ مِن دون اللَّه ويدعو بحاجته شيئًا لو دعاه إلى يوم القيامة لم يستجبْ له دعاءَه، ولا يكون عنده مَعونةٌ.

{وَهُمْ}؛ أي: المعبودون {عَنْ دُعَائِهِمْ}؛ أي: دُعاءِ العابدين {غَافِلُونَ}: لا يعلمون به؛ لأنَّها جمادٌ، جَمَع مع إفرادِ أوَّلِ الكلام؛ لأنَّ (ما) للعُموم معنًى، فإنْ كان هذا في الأصنام، فالجَمْعُ مع الواو (٢) والنون لِمَا أنها وُصِفَتْ بصفات العُقلاء،


= وأما الخط: فهو أن يخط بإصبعه في الرمل ويزجر، والطَّرْق: الضرب بالحصى، وهو نوع من التكهن. انظر: "الصحاح" (مادة: خطط وطرق).
(١) في (أ): "شيء".
(٢) في (ر): "بالواو".