للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا بيانُ مَشَقَّةِ الأمِّ، والأبُ يلحَقُه مَشَقَّةُ النَّفَقَةِ والقيامِ بأسبابِها التي بها يُمْكِنُها ذلك، ومعاونتِها (١) على التربية.

ورُوِيَ أنَّ امرأةً ولَدَتْ لستةِ أشهرٍ، فرُفِعَ ذلك لعُمرَ رضي اللَّه عنه، فهَمَّ برَجْمِها، فبلَغَ ذلك عليًّا رضي اللَّه عنه فقال: لا رَجْمَ عليها، فبلَغَ عمرُ رضي اللَّه عنه قولَ عليٍّ، فأرسلَ إليه فسألَه عن ذلك، فقال: قال اللَّه تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣]، وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، فستةُ أشهرٍ وحَوْلان ثلاثون شهرًا، قال: فخلَّى سبيلَها (٢).

ورُوِيَ أنَّ رجلًا تزوَّجَ امرأةً، فولَدَتْ لستةِ أشهرٍ، فجيءَ بها إلى عثمان رضي اللَّه عنه، فتشاوَرَ في رَجْمِها، فقال ابن عباس: إنْ خاصَمْتكم بكتاب اللَّه تعالى خصَمْتكم، قالوا: كيف؟ قال: إنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}، فحَمْلُها ستةُ أشهرٍ وفصالُه حولان، فتركها (٣).

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ}: أي: حتى إذا بلغَ الولدُ لآأَشُدَّهُ}: كمالَ قُوَّتِه، وهو حالُ البُلوغِ.


(١) "ومعاونتها" معطوف على "النفقة"؛ أي: (ومشقة النفقة ومشقة معاونتها. . .).
(٢) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٣٤٤٤)، والبيهقي في "الكبرى" (١٥٥٤٩)، وفي "معرفة السنن والآثار" (١٥٣٥٤)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٧٤٦).
(٣) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٣٤٤٩)، وسعيد بن منصور في "سننه" (٢٠٧٥)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (٣/ ٩٧٧ - ٩٧٨)، وابن منده في "التوحيد" (١٠١).
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٧/ ٤٩١) بعد أن ذكر روايات القصة: لا أعلم خلافًا بين أهل العلم فيما قاله علي وابن عباس في أقل الحمل، وهو أصل وإجماع.