{رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}: أي: تُهْلِكُ وتستأصِلُ لِشِدَّة عُصوفِها.
وقيل: هو رَمْيُ شيءٍ على شيء وإهلاكُه به.
وقوله: {كُلَّ شَيْءٍ}: للتَّفْخيم، لا على حقيقة التَّعميم.
وقيل: {كُلَّ شَيْءٍ} أُمِرَتْ بتدميره.
{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}: وفيه مُضْمَرٌ: فجاءَتْهم الرِّيحُ فدمَّرَتْهم، فلم يَبْقَ منهم أحدٌ، وصاروا تحت الرِّمال، {فَأَصْبَحُوا}؛ أي: صاروا، {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} لأنها كانت قائمةً.
{كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}: أي: كلَّ مَن أجرَمَ مِثْلَ جُرْمِهم، وهو تخويفٌ لأهل مكَّةَ.
* * *
(٢٦) - {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
{وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ}: أي: أعطَيْناهم مِن المَكِنَة (١) والمكانة.
{فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ}: {إِنْ} للنَّفْي؛ أي: فيما لم نُمَكِّنْكُمْ في مِثْلِه، ثم هُم لم يُمْكِنْهمُ التَّحرُّزُ عنه، فكيف أنتم؟!
{وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً}: أي: آلاتٍ وحواسَّ يُمكِنُهم التَّدَبُّرُ بها ليعلموا بُطْلانَ الشرك.
(١) المَكِنَة: التمكن، تقول العرب: إن بني فلان لذو مَكِنَة من السلطان؛ أي: ذو تمكن. انظر: "تهذيب اللغة" (١٠/ ١٦٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute