للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحُسين بن الفَضْل: هُم سبعةَ عشرَ (١)، وهُم المذكورون في سورة الإنعام: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا} [الأنعام: ٨٣] الآيات، فإنه قال في آخرها: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وقال هنا: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}، والمذكورون في هذه الآيات ثمانيةَ عشرَ، لكنَّ يونسَ خرَجَ مِن بين قومه، فلم يَصْبِر، فلم يكن فيهم.

وقال بعضهم: آدمُ كذلك؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥].

لكنَّ الصَّحيحَ أنَّ أولي العزم كلُّ الرسل، وقولُه تعالى: {مِنَ الرُّسُلِ}: للتَّجْنيس لا للتَّبْعيض، ومعنى قولِه: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}: أي: قَصْدًا إلى الخِلاف، ويونسُ لم يكن خروجُه تَرْكَ صَبْرٍ، لكنْ تَوَقِّيًا عن نزول العذاب.

وقولُه تعالى: {وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}: أي: ولا تدعُ عليهم بتعجيل العذاب.

{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}: أي: فهُم إذا رأوا العذابَ يوم القيامة ظنوا أنهم لم يَلْبَثوا في الدنيا أو في قبورهم إلا ساعةً مِن نهارٍ، وأنَّ العذابَ عُجِّلَ لهم قريبًا مِن تكذيبهم.

{بَلَاغٌ}: أي: هذا بلاغٌ؛ أي: مَبْلَغُ (٢) الكِفايةِ في العِظَة.

{فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}: أي: فهل يُهْلَكُ بعد هذا البلاغِ بعذاب اللَّه إلَّا مَن فسَقَ، فأعلَنَ الاستخفافَ بأمر الدِّين، ولم يكن همُّه طلَبَ الحقِّ المبين.

والحمدُ للَّه ربِّ العالمين

* * *


(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٥)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١١٤)، وفيهما أن عددهم ثمانية عشر.
(٢) في (ر) و (ف): "تبليغ".