للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومِن الشِّدَّةِ على الكفار: حِرْصُهم على دخول مكةَ بالسيف، وأَنَفَتُهم مِن إعطاء الدَّنِيَّةِ.

ومن رحمتِهم بينهم: أنه شَقَّ عليهم قَبولُ الشَّرطِ في رَدِّ مَن أتاهم مُسْلِمًا إليهم.

ثم شِدَّتُهم على الكفار في كلِّ مَوْطِنٍ وعَطْفُهم على المسلمين في كلِّ مَوْضعٍ مما لا يَخفى.

{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}: مع جهادهم في سبيل اللَّه كانوا مُجْتَهِدين في العبادة للَّه تعالى.

{يَبْتَغُونَ}: بذلك {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ}: بتَضْعيفِ الحسنات {وَرِضْوَانًا}: بعَفْوِ السيئات.

وقولُه تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}: أي: علامتُهم.

قيل: هي صُفْرَةُ (١) الوُجوهِ بكثرة التَّهَجُّد.

وقيل: هي إشراقُ وجوهِهم مِن أَثَرِ السُّجود، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن كثُرَتْ صلاتُه بالليل حَسُنَ وجهُه بالنهار" (٢).

وقيل: هي ما يَظْهَرُ عليها مِن النور يوم القيامة.


(١) في (أ): "من صفوة" بدل: "هي صفرة".
(٢) رواه ابن ماجه (١٣٣٣)، والمروزي في "مختصر قيام الليل" (ص: ٨٥)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (١/ ١٧٦)، وابن أبي حاتم في "علل الحديث" (٢/ ٣٦)، وغيرهم من طريق ثابت بن موسى، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي اللَّه عنه يرفعه.
وقد اتفقت آرأء المحدثين على أن الحديث بهذا الإسناد موضوع عن غير قصد، وأنه من كلام شريك؛ قال السخاوي: واتفق أئمة الحديث ابن عدي والدارقطني والعقيلي وابن حبان والحاكم على أنه من قول شريك قاله لثابت لما دخل عليه. انظر: "المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص: ٦٦٦).
وانظر تفصيل الكلام عليه في هذا الكتاب عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} [الصف: ١٤].