للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قرأ حمزةُ والكسائيُّ: {فتثبَّتوا} مِن التَّثَبُّتِ (١)، وهو التَّأَنِّي وتَرْكُ التَّسَرُّعِ مِن الثَّباتِ على الشيء، وقرأ الباقون: {فَتَبَيَّنُوا} مِن التَّبَيُّن (٢)، وهو النَّظَرُ في الشيء إلى أنْ يتبيَّنَ ويتحقَّقَ ذلك، وهما قريبان.

{أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}: أي: لِئلَّا تُصيبوا قومًا بقول ذلك الفاسقِ على جهلٍ بحاله (٣)، وتقديرُ الآية: إنْ جاءكم فاسقٌ بخبَرٍ فتأنَّوا ولا تَعْجَلوا إلى أنْ يتَّضِحَ صِدْقُه؛ لئلَّا تُصيبوا إنْ عجِلْتم القضاءَ به قومًا في نُفوسِهم وذَراريهم وأموالِهم بجهلٍ منكم بحالهم في استحقاق (٤) ما تُصيبونهم به.

{فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}: وهو دليلٌ على أنَّ شهادةَ الفاسقِ شهادةٌ، فإنَّ اللَّهَ تعالى أمَرَ بالتَّأَنِّي في قَبوله لا بِرَدِّه.

* * *

(٧) - {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}.

وقولُه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ}: أي: فاتَّقوا أنْ تقولوا الباطل عنده وتَكذِبوا، فإنه يتثبَّتُ ويكشِفُ اللَّهُ له الصِّدْقَ (٥)، فيَنْهَتِكُ سِتْرُ الكاذبِ (٦).


(١) في (أ) و (ف): "فتثبتوا من التثبت" بدل من "فثبتوا من التثبيت".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٣٦)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠٢).
(٣) قوله: "بحاله" الضمير يعود على القوم؛ أي: على جهل بحال أولئك القوم، وإفراد الضمير هنا جائز؛ لأن القوم مفرد لفظًا، ولو قال: (بحالهم) كان أوضح، وهكذا سيأتي قريبًا.
(٤) في (ر): "استحقاقهم".
(٥) في (ف): "الستر".
(٦) في (ر): "الفاسق".