للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وضُعَفائهم، فنزلت السُّورةُ نَهْيًا لهم عن مَساوئِ الأخلاق، وافتتحَتْ بالواجب مِن ذلك في مَعاشرِ الرُّؤساء، ثم أتبَعَ بالمرؤوسين مِن النُّظَراء والأَكْفاء، وقد كان مِن أفاضل الصحابة مَن يَبْدُرُ منهم البادرةُ في هذا الباب.

كما رُوِيَ في سبب نزول هذه الآية: أنَّ خالدَ بنَ الوليد رضي اللَّه عنه ذكَرَ عمَّارَ ابن ياسرٍ فنالَ منه (١).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: نزلَتْ في ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ، وذلك أنَّه كان في أُذُنِه ثِقَلٌ، فكان إذا أتى رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد سبَقوه في المجلس أوسَعوا له، ففاتَتْه ذاتَ يومٍ ركعةٌ مِن الفجر، ثم أتى فجعَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ وهو يقول: تَفَسَّحوا، حتى انتهى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بينه وبينه رجل، فقال له: تفسَّحْ أو تَنَحَّ، فقال الرجل: أصبتَ مَجْلِسًا فاجلِسْ، فجلسَ ثابتٌ خَلْفَ الرجل مُغْضَبًا، فلما انجلَتِ الظُّلْمَةُ غمَزَ ثابتٌ الرجلَ، فقال: مَن هذا؟ فقال: أنا فلانٌ، فقال له: ابنُ فُلانةَ، ذكَرَ أُمًّا له كان يُعَيَّرُ بها، فنكَسَ الرجلُ رأسَه، واستحيى، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيةَ (٢).

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: يعني: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}: في المَعيشة والخِسَّة، يقول الرجلُ للرجل: أنتَ فقيرٌ، وأنتَ دَنيءٌ (٣).


(١) لم أقف عليه.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٨٠)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٣٤٢)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٩٣)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٤٨).
(٣) ذكر مقاتل نحوه في "تفسيره" (٤/ ٩٤)، وذكره عنه الواحدي في "البسيط" (٢٠/ ٣٥٦)، وبنحوه قال مجاهد، كما في "تفسير الطبري" (٢١/ ٣٦٥).