للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}: أي: أوفرَ نصيبًا منهم في الآخرة، فقال ثابتٌ بعد نُزول هذه الآية: لا أَفْخَرُ على أحدٍ في النَّسَب (١) بعد هذا أبدًا.

وقال مقاتلٌ: نزلت في أبي مالكٍ وعبد اللَّه بن أبي حَدْرَدٍ، وذلك أنَّ عبدَ اللَّه قال لأبي مالكٍ: يا أعرابيُّ، وهو كما يقول الرجلُ مِن أهل البلد: يا رُسْتاقي (٢)، فقال له أبو مالكٍ: يا يهوديُّ، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لهما: "لا تدخُلا عليَّ حتى يُبَيِّنَ اللَّهُ توبتَكما"، فأوثَقا أنفسَهما إلى ساريةِ المسجد، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيةَ (٣).

وقال الضحاك: فأما الذين استهزَؤوا فقومٌ مِن بني تميمٍ، استهزؤوا مِن بلالٍ وخَبَّابٍ وعمارٍ وصُهَيبٍ وأبي ذرٍّ وسالمٍ مولى أبي حُذيفة (٤).

وقال أبو جَبيرةَ: نزلت الآيةُ فينا بني سَلِمَةَ، وذلك أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قدِمَ المدينة ولم يكن منا رجلٌ إلا وله اسمان أو ثلاثةٌ، فكان الرجل يُدْعى بأحد أسمائه، فيكرَهُه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيةَ (٥).


(١) في (ر) و (ف): "الحسب".
(٢) الرُّستاق: فارسي معرب، وهي السواد، ويطلق كذلك على البيوت المجتمعة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ١١٦).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٩٣)، وذكره عنه الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٣٣). ورواه مختصرًا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٧/ ٣٤٣).
(٤) رواه ابن أبي حاتم عن مقاتل فيما عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٥٦٣).
وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٧٩)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٣٤٣)، والزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٧٠) عن الضحاك.
(٥) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (١٨٢٨٨)، وأبو داود (٤٩٦٢)، والترمذي (٣٢٦٨)، والطبري في "تفسيره" (٢١/ ٣٦٨)، والطبراني في "الكبير" (٩٦٨)، والحاكم في "المستدرك" (٧٧٥٥). قال الترمذي: حسن صحيح. =