للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عطاءٌ الخُراسانيُّ: كان الرجل يُعَيَّرُ بِخَلَّةٍ كانت فيه (١) في الجاهلية وقد رجَعَ عنها وأسلَمَ.

ورُوِيَ: أنَّ أبا ذرٍّ دعا رجلًا مِن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأُمٍّ كانت له في الجاهلية، فقال له النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ فيك لَجاهليَّةً"، فقال: يا نبيَّ اللَّهِ، أَجاهِلِيَّةُ الإسلامِ أم جاهِلِيَّةُ الكفرِ؟ فقال: "بل جاهليةُ كفرٍ"، ثم قال له: "ما بها أَسْودُ ولا أحمرُ أنتَ خيرٌ منه حتى يرضى عنكَ صاحِبُكَ"، فخرَجَ أبو ذرٍّ رضي اللَّه عنه يبتغي صاحبَه، فبصُرَ به الذي استطالَ عليه، فجاء الرجلُ، فاستغفرَ له رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له أبو ذرٍّ: إنما جئتُكَ يا أخي لِأُسَلِّمَ عليك، فذُكِرَ ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "سبقَكَ الرجلُ يا أبا ذرٍّ"، فقال أبو ذرٍّ: فاستغفِرْ لي يا رسولَ اللَّه، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يغفِرُ اللَّهُ لِصاحبِكَ"، فأعادَ عليه: استغفِرْ لي يا رسولَ اللَّه، فاستغفَرَ لصاحبِه ثلاث مرات، ثم استغفَرَ لأبي ذر، ثم قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الغضبَ طُغْيانٌ مِن الشيطان، فإنما ينفُخُ فيها في جَمْرةٍ، ألا ترونه تَحْمَارُّ عيناه، وتدِرُّ (٢) أوداجُه" (٣).


= قلنا: إسناده صحيح إن صحت صحبة أبي جبيرة بن الضحاك، فقد قال السندي كما في حاشية "المسند": أبو جَبيرة، بفتح أوله: ابن الضَّحَّاك، لا يُعرف اسمه، قيل: له صحبة، وقيل: لا صحبة له، ومال الحافظ في "الإصابة" إلى الأول بحديث: نزلت فينا هذه الآية: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} بناءً على أن هذا الحديث رواه أصحاب السنن عن أبي جبيرة بلا ذكر العمومة في السند، لكن إذا نظرنا إلى ذكر العمومة، كما في "المسند" سقط الاستدلال، كما لا يخفى.
قلت: يشير إلى ما رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٦٦٤٢) من طريق أبي جبيرة عن عمومة له.
(١) في (ف): "له".
(٢) في (ف): "وتدور".
(٣) رواه إلى قوله: "أنت امرؤ فيك جاهلية" البخاري (٦٠٥٠)، ومسلم (١٦٦١).
ورواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٩٩) بزيادة يسيرة.