للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلتِ: إنَّ أبي هارونُ، وإنَّ عمي موسى، وإنَّ زوجي محمد"، فنزلت هذه الآيةُ (١).

ورُوِيَ أنَّ عائشة رضي اللَّه عنها كانت تَسْخَرُ مِن زينبَ بنتِ خُزيمةَ الهِلاليَّةِ، وكانت امرأةً قَصيرةً تُسَمَّى أُمَّ المساكين، وكانت تقوم على ضَيْفِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعلَتْ عائشةُ رضي اللَّه عنها تَسْخَرُ منها لِقِصَرِها، فأنزل اللَّهُ تعالى هذه (٢) الآيةَ (٣).

{عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}: أي: عند اللَّه في المَنْزِلة كما قُلْنا في الرجال.

وقيل فيهما: عسى أنْ يكونوا بعد هذا في الدنيا خيرًا منهم، وعسى أنْ يكُنَّ بعد هذا في الدنيا خيرًا منهن.

يعني: إنْ كانت السُّخْرِيَةُ بفَقْرٍ أو ضَعْفٍ أو عِلَّةٍ، فعسى تزولُ مِن ذلك ويُبْتَلى به السَّاخِرُ، فنبَّهَ اللَّهُ على أنه قادرٌ على أنْ يُزيلَه مِن ذلك، ويجعلَه في هذا.

وقيل: هذا قد يكون في التَّعيير بذَنْبٍ يكون الإنسان فيه، فنُدِبوا على (٤) أنْ يستُروا على الناس ولا يُعَيِّروهم، ويروا فَضْلَ اللَّهِ على أنفسهم بالعِصْمَة، ويخافوا أنْ يَصيروا مِثْلَهم.


(١) رواه بهذا اللفظ الترمذي (٣٨٩٢)، وقال: حديث غريب، وليس إسناده بذاك، والطبراني في "الكبير" (١٩٦)، والحاكم في "المستدرك" (٦٧٩٠) من حديث صفية رضي اللَّه عنها.
وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٨١)، والزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٧٠)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٩٣)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٤٩) عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (أ): "فنزلت" بدل من "فأنزل اللَّه تعالى هذه".
(٣) ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٣٧٠) في سبب نزول هذه الآية.
ورواه الإمام أحمد في "مسنده" (٢٥٠٤٩) وغيره مطلقا من غير ذكر أم سلمة، ولا في سبب نزول الآية.
(٤) في (ر): "إلى".