للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سعيدُ بنُ المُسَيِّب: سأل أبو مِجْلَزٍ لاحِقُ بنُ حُمَيدٍ ابنَ عباسٍ عن قومِ تُبَّعٍ، فقال سألتُ عبدَ اللَّهِ بنَ سَلامٍ، فقال: تُبَّعٌ كان رجلًا مِن العرب، وإنه ظهَرَ على الناس، وسبى فِتْيَةً مِن الأحبار، فتابعَهم، وإنَّ قومَه استنكَروا (١) ذلك، وقالوا: بَدَّلَ دِينَه، فقال للفِتْيَةِ: ما ترون؟ قالوا: بيننا وبينهم النَّارُ، فينجو الصادقُ، ويحترِقُ الكاذبُ، فعمَدوا إلى النار، فأمرَ تُبَّعٌ الفِتْيَةَ أنْ يدخُلوها، ففعَلوا ومصاحفُهم (٢) في أعناقهم، فلما أرادوا دُخولَها سفَعَتِ النارُ وجوهَهم فنكَصوا، فقال تُبَّعٌ: لَتَدْخُلُنَّ، فدخَلوها، فانفرَجَتْ عنهم حتى قطَعوها، ثم قال لقومه: ادخُلوها، فلما أرادوا دخولَها سفَعَتِ النارُ وجوهَهم، فنكَصوا، فقال تُبَّعٌ: لَتَدْخُلُنَّ، فدخَلوها، فانفرجَتْ عنهم، حتى إذا توسَّطوها أحاطَتْ بهم، فأحرَقَتْهم عن آخرهم، فأسلَمَ تُبَّعٌ عند ذلك (٣).

* * *

(١٥) - {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}.

وقولُه تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ}: أي: أَفَعَجِزْنا عن الخَلْق الأول؟! استفهامٌ بمعنى النَّفْيِ.

قال الحسن: الخَلْقُ الأولُ آدمُ (٤)، وقد كانوا يُقِرُّون به وأنهم مِن ولَدِه.


(١) في (ر): "أنكروا".
(٢) في (ر): "فعلقوا مصاحفهم" بدل: "ففعلوا ومصاحفهم".
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣١٩٢٢)، والطبري في "تفسيره" (٢١/ ٤١٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١١/ ٧).
(٤) ذكره عنه يحيى بن سلام في "تفسيره" (٢/ ٦٥٠)، وابن أبي زمنين في "تفسيره" (٤/ ٢٧١)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ١٥٩).
وذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٩/ ٣٥٠) من غير نسبة.