للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السُّدِّيُّ: نزلَتِ الآيةُ في العاصِ بنِ وائلٍ السَّهْمِيِّ (١)، وهو الذي أنزَلَ اللَّهُ فيه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}.

قولُه تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} هو كقوله: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مريم: ٧٨] وهو فيه.

* * *

(٣٦ - ٣٧) - {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}.

{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}: أي: ألم يُنَبَّأْ هذا المَضْمونُ له (٢) -وهو استفهامٌ بمعنى التَّقْرير- بما سبَقَ مِن حُكْمِ اللَّهِ تعالى على أَلْسِنة أنبيائِه المتقدِّمين أنه لا يُقْبَلُ أحدٌ بَدَلًا عن غيره فيما يستحِقُّه مِن العذاب على ذَنْبِه، ولا يَحْمِلُ عن أحدٍ عقابًا يستحِقُّه غيرُه؟

وقولُه تعالى: {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}؛ أي: وفي صُحُفِ إبراهيم الذي وفَّى؛ أي: وفَّى بعُهودِ اللَّه تعالى.

وقيل: أي: أتمَّ كلَّ ما أُمِرَ به؛ كما قال: {فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: ١٢٤].

وقيل: أي: أدَّى جميعَ ما أُرْسِلَ به، وهو التَّبْلِيغُ.

وعن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: " {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}: أي: وفَّى عمَلَ يومِه بأربعِ ركَعاتٍ مِن أول النهار" (٣).


= نسبته للكلبي فهو كذاب متروك لا تصح أخباره، وإنما العجب من هؤلاء المفسرين الذين همهم التقاط أي خبر دون التمعن في حقيقته أو معرفة بسنده!
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٥١)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٤٠٢)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤١٤)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٩١). ورواه ابن مردويه فيما عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٦٥٩) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (أ): "أي لم ينبأ هذا المضمون الذي له".
(٣) رواه حفصُ بن عمر في "قراءات النبي" (١٠٩)، والطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٠٧)، والثعلبي في =