للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٨ - ٣٩) - {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}.

{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: أي: لا تحمِلُ نفْسٌ حامِلَةٌ حِمْلَ نفْسٍ أخرى.

وبهذه الآيةُ رَدَّت عائشةُ رضي اللَّه عنها على مَن روى أنَّ الميِّتَ يُعَذَّبُ ببُكاءِ أهلِه عليه (١).

فأما ما رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن سَنَّ سُنَّةً سيِّئةً فعليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عمِلَ بها بعدَه إلى يوم القيامة" (٢)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما سَفَكَ أحدٌ دمًا حرامًا إلا كان على ابنِ آدمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن ذلك" (٣)، فليس في ذلك حَمْلُ ذنْبِ غيرِه عليه، بل الأوَّلُ استوجَبَ ذلك بفعل نفْسِه، لا أنه حُمِلَ عليه ذنْبُ غيرِه.

فأما تحمُّلُ العاقلةِ الدِّيَةَ عن القاتل خطَأً، فذلك مُواساةٌ منهم له، وتخفيفٌ عنه.

وقولُه تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}: أي: ثوابُ طاعتِه، وعِقابُ معصيتِه.

* * *


= "تفسيره" (٩/ ١٥٢)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤١٥)، من حديث أبي أمامة رضي اللَّه عنه، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٦٦٠) إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه والشيرازي في "الألقاب" وضعفه.
قال الطبري: لو صح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم نَعْدُ القول به إلى غيره، ولكن في إسناده نظر يجب التثبت من أجله.
(١) رواه البخاري (١٢٨٨)، ومسلم (٩٢٩).
(٢) رواه مسلم (١٠١٧) من حديث جرير بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه.
(٣) رواه البخاري (٣٣٣٥)، ومسلم (١٦٧٧) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه بلفظ: "لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنَّه أول من سن القتل".