للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الكسائي والفراء: أي: يستمِرُّ ويذهبُ عن قليلٍ (١)؛ لأنَّه لا حَقيقةَ له؛ مِن المُرور.

وقيل: {مُسْتَمِرٌّ}: أي: يُشْبِهُ أفعالُ محمدٍ بعضُها بعضًا؛ كما يقول الفقهاء: (قياسٌ مُسْتَمِرٌّ)؛ أي: يجري على وجهٍ واحدٍ.

وقيل: أرادوا أنه سحرٌ مستمِرٌّ في الدُّهور قبل محمد؛ أي: هذا شيءٌ كان يفعلُه أمثالُ محمدٍ في الأُمَمِ الماضية.

وقيل: {مُسْتَمِرٌّ}: أي: مُمْتَدٌّ مِن الأرض إلى السماء، وكان قبلَ هذا سَحَرَةٌ في الأرض، فصار الآنَ سِحْرٌ في السماء.

* * *

(٣) - {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}.

{وَكَذَّبُوا}: أي: محمدًا فيما جاء به مِن هذه الآيةِ وغيرِها.

{وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}: أي: فعلوا ذلك بالشَّهَوات والأهواء، لا بالحُجَّة.

وقولُه تعالى: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}: أي: وكلُّ أمرٍ مِن الخير والشَّرِّ، والحَقِّ والباطل، والهوى والحُجَّة، يستقِرُّ يومًا قرارُه، ويتناهى نهايتَه، فتخرُجُ حقيقته، وتزولُ شُبْهَتُه، وعند العواقب تظهَرُ الحقائقُ.

وهذا وعيدٌ للمشركين، ووعدٌ وبِشارةٌ للرسول والمؤمنين، وهو كقوله:


= وذكره الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١١٣) عن بعض البصريين.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٠٤). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٦٢)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ١٩٧) عن مجاهد، وقادة، والفراء، والكسائي.