وقولُه تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ}: أي: مِن أخبار الأُمَم الماضية التي هي غُيوبٌ، ولا يعلَمُها محمدٌ إلا بوحيٍ.
{مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ}: أي: زَجْرٌ ومَنْعٌ، وقد زجَرَه وازْدَجَرَه، وهو للمصدر ها هنا كالازدجار؛ كالمُصْطَبَر يُستعمَلُ في معنى الاصطبار.
{حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ}: قيل: هو ترجمةٌ عن الأوَّلِ {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ}؛ أي: حِكْمةٌ.
وقيل: إنها ترجمةٌ وبدلٌ عن قوله: {مُزْدَجَرٌ}.
وقيل: أُضْمِرَ ابتداؤُه، وهذا خبَرٌ عنه؛ أي: هذه {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ}: أي: بالِغَةٌ نهايةَ الإحكامِ.
{فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}: يجوز أنْ يكون نَفْيًا، ويجوز أنْ يكون استفهامًا بمعنى التَّوْبِيخ؛ أي: فما يُغْنِي النَّذِيرُ بعد النَّذير لِمَن أعرَضَ عنه ولم يتأمَّلْه وعانَدَ؟!
وقيل: فما يُغْنِي الأنبياءُ عن هؤلاء الكفار شيئًا مِن العذاب وما يَصْرِفُونه عنهم وهم لم يَقْبَلوا إنذارَهم؟!